الخرف .. أشكاله وأعراضه
(د ب أ) -
تُعد مشكلة النسيان أمراً طبيعياً بالنسبة لكبار السن. ولكن إذا تحولت هذه المشكلة إلى عرض مزمن يظهر في فقدان كبار السن لقدرتهم على التذكر بصورة متكررة وتغيّر سماتهم الشخصية بشكل ملحوظ، فغالباً ما يُشير ذلك إلى الإصابة بالخرف. وصحيح أنه لا يُمكن الشفاء من أغلب أشكال الخرف، إلا أن ممارسة الرياضة تُساعد المريض في تأخير تدهور الحالة.
وأوضح اختصاصي طب الأعصاب ريتشارد دوديل، البروفيسور بجامعة فيليبس الألمانية، أن هناك ما يزيد عن 50 شكلاً لمرض الخرف، يندرج بينهم ما يُسمى بـ (الخرف الجبهي الصدغي)، الذي تموت خلايا الفصين الجبهي والصدغي من المخ عند الإصابة به، مع العلم بأنه عند الإصابة بأي شكل من أشكال الخرف تموت أجزاء معيّنة من خلايا المخ.
وأضاف البروفيسور دوديل :"أن 5 إلى 10% فقط من جميع مرضى الخرف يعانون من الخرف الجبهي الصدغي"، موضحاً أنه عادةً ما تظهر أعراض هذا الشكل في ظهور تغيّرات في السمات الشخصية للمريض وإصابته باضطرابات سلوكية ولغوية، مع العلم بأنه عادةً لا يلحظ المريض ذاته هذه التغيرات، لكنها تُسبب عبئًا كبيراً على المحيطين به.
ويلتقط البروفيسور كريستيان هاس، الباحث في مجال أمراض الخرف بالمركز الألماني لعلاج الأمراض العصبية بمدينة ميونيخ، طرف الحديث موضحاً حالة مريض الخرف الجبهي الصدغي :"يُصبح المريض شخصاً آخر تماماً".
تدهور معرفي
أما عند الإصابة بالزهايمر، الذي يُمثل أكثر أشكال الخرف شيوعاً ويُعاني منه ثلثا مرضى الخرف، أوضح هاس أنه يظهر عادةً في تدهور القدرات المعرفية لدى المريض؛ فإلى جانب الإصابة بقصور في الذاكرة –الذي يُعد السمة المميزة لمرض الزهايمر- يُصاب المريض أيضاً بفقدان القدرة على توجيه الجسم وقصور في التركيز، "مع العلم بأن الزهايمر يُمكن أن يُصيب الأشخاص في مراحل عمرية صغيرة أيضاً، لكن بمعدل ضئيل للغاية، وعادةً ما يرجع ذلك إلى عوامل وراثية".
وللتحقق من الإصابة بالخرف، أوصى الباحث الألماني هاس بالخضوع لاختبار النفسية والعصبية المفصل وإجراء تحاليل دم وكذلك أشعة مقطعية أو أشعة رنين مغناطيسي على المخ؛ حيث يعمل ذلك على إعطاء صورة كاملة للمخ وحالته.
ويلتقط البروفيسور الألماني دوديل طرف الحديث من جديد مؤكداً على أهمية هذا الإجراء بقوله :"يُمكن من خلال هذه الفحوصات استبعاد وجود أية أسباب عضوية تؤدي إلى الإصابة بالخرف"؛ حيث يُمكن أن تحدث الإصابة بالخرف في جميع الفئات العمرية نتيجة الإصابة بأمراض أخرى كاضطرابات سريان الدم مثلاً أو اضطرابات الغدة الدرقية وكذلك السكتات الدماغية، لافتاً إلى أنه كلما كان المرض الأساسي قابلاً للعلاج، زادت فرص تحسن حالة الإصابة بالخرف.
ولكن أكدت الخبيرة الاجتماعية سوزانا ساكسل من الجمعية الألمانية لمساعدة مرضى الخرف، أن كل من الزهايمر والخرف الجبهي الصدغي وأغلب الأنواع الأخرى من مرض الخرف في مراحلة المتقدمة لا يُمكن الشفاء منها.
وأكدت ساكسل على أهمية التفكير في كيفية الإشراف على المريض ورعايته، لافتةً :"عادةً ما تُمثل عملية الإشراف هذه صعوبة كبيرة، لاسيما بالنسبة للمرضى في المراحل العمرية الأصغر، إذ عادةً لا يسمحون بوجود قيود في حياتهم"، لافتةً إلى أن الوضع يختلف هنا في التعامل عمّا يحدث مع المرضى في سن التقاعد، مع العلم بأنه عادةً ما يتمتع المرضى في المراحل العمرية الأصغر بقدر أكبر من اللياقة البدنية.
فرصة وحيدة
وأشار البروفيسور هاس إلى أنه على الرغم من أن لياقة المريض البدنية تُمثل تحد بالنسبة للشخص المشرف عليه والمختص برعايته، إلا أنها تُعد فرصة المريض الوحيدة للتصدي للمرض؛ حيث أن الرياضة هي الشيء الوحيد الذي يُمكنه التصدي لمرض الخرف، مستنداً في ذلك إلى إحدى التجارب الحيوانية، التي لم تُثبت أن ممارسة الأنشطة البدنية والذهنية يُمكنها الحيلولة دون الإصابة بالخرف، إلا أنها أكدت أنها تعمل على إبطاء مساره.
وشدد البروفيسور الألماني على ضرورة إدراج الأنشطة البدنية والذهنية داخل إطار يوم مرضى الخرف على الدوام، حتى داخل المنزل، لافتاً إلى أن هناك نوعيات معيّنة من الأنشطة الرياضية كالمشي في مجموعات ودورات الرقص لا تتمتع بتأثير إيجابي للمريض فحسب، إنما يُمكن أيضاً أن تساعد أقارب المريض المعنيين برعايته؛ لأنها تُخفف من صعوبة مسار اليوم عليهم.
وأكدّ هاس على أهمية ممارسة هذه الأنشطة؛ لأنه عادةً ما تزداد حالة مرض الخرف سوءًا؛ فصحيح أنه لا يُعد مرضاً مميتاً في حد ذاته، إلا أنه يتسبب في تحفيز الإصابة بأمراض ثانوية يُمكن أن تتسبب في وفاة المريض في غضون ثلاثة أعوام، حتى وإن كان في مرحلة عمرية صغيرة.
فيديو قد يعجبك: