تزايد استخدام الزجاج في السيارة يعطى آفاق جديدة لقائدي السيارات
سيبتهج قائدو السيارات بظروف الرؤية الأفضل التي يوفرها لهم استخدام الزجاج بكثرة في السيارة؛ فبعد أن عول مصممو السيارات على الخطوط التصميمية المعتمدة على النوافذ ذات الأسطح الصغيرة لسنوات عديدة، نلاحظ في الوقت الراهن زيادة استخدام الزجاج في تصميم السيارات مرة أخرى. حتى أن كثير من الموديلات الحديثة يتم طرحها حالياً مُجهزة بما يُسمى السقف الزجاجي بانوراما. ويقول مراقب السوق نيك مارجيتس من معهد التحليل Jato Dynamics بمدينة ليمبورغ غربي ألمانيا :"أراد مصممو السيارات فيما سبق منح عملائهم جواً من الخصوصية والأمان، أما الآن فإن الأمر يدور غالباً حول جعل مقصورة السيارة أكثر إشراقاً مع إمكانية تدفق الهواء المتجدد إليها".
وحتى قبل سيارات الكابريو المكشوفة لم يتوقف هذا الاتجاه؛ حيث أوضح متحدث باسم شركة رينو الفرنسية أنه تم على سبيل المثال في السيارة Mégane كوبيه كابريو الجديدة دمج سقف زجاجي في السقف الصلب «Hardtop» القابل للإنزال. بالإضافة إلى قيام شركة فولكس فاجن الألمانية بنفس الأمر في سيارتها Eos؛ حيث إنها قامت بدمج سقف متحرك في السقف القماشي الشفاف.
غير أن صناع السيارات لا يقتصرون على تصميم فتحات كبيرة في السقف بصورة دائمة. ففي السيارة C3 من ستروين على سبيل المثال تم إطالة الزجاج الأمامي، لدرجة أنه يمتد ليصل إلى خلف رؤوس الركاب، وأوضحت الشركة الفرنسية أن مثل هذا الزجاج الكبير لا يُمثل أية مشكلة بالنسبة لاستقرار وثبات البنية الهيكلية لجسم السيارة. وأضاف بيرنهارد فوس المتحدث الإعلامي باسم شركة بيجو بمدينة زاربروكن جنوب غرب ألمانيا، :"عند معالجة الزجاج بشكل مناسب فإنه يصبح أكثر صلابة ومقاومة الالتواء مثل ألواح الصاج". كما توجد نوافذ زجاجية كبيرة في الكثير من السيارات التي تحمل شعار هذا العلامة التجارية كما هو الحال مع الموديل كومبي 308 SW أو سيارة الصالون الرحبة 5008.
وحتى عند وقوع حوداث فإن هذا النوع من الزجاج لا يهدد بوقوع أي ضرر أو أذى للركاب؛ حيث يقول بيرنهارد فوس :"كما هو الحال مع الزجاج الأمامي فإن الأسقف الشفافة مصنوعة من زجاج أمان من نوعية خاصة"، لأن الرقائق الموجودة بين طبقات الزجاج تمنع تفتت الأسقف الزجاجية البانورامية حتى في حالة انقلاب السيارة.
وفي حين يبدو استخدام الزجاج غير معقد، فإن عملية إنتاجه هي التي تمثل تحدياً كبيراً، فوفقاً لما صدر من داخل شركة أوبل بمدينة روسيلسهايم غربي ألمانيا فإنه من الصعب جداً تصنيع الأسطح الزجاجية المنحنية بشدة، حيث استكفى الفنيين على كل حال من خبراتهم السابقة مع السيارة Astra GTC الأخيرة، حيث إنهم يرغبون - وفقاً لمصادر من داخل الشركة الألمانية - في حذف الزجاج الأمامي البانورامي من قائمة التجهيزات الاختيارية المخصصة للجيل التالي من السيارة Astra ثلاثية الأبواب.
كما أن تزايد الأسطح الزجاجية في السيارة ينطوي على مشاكل أخرى؛ فمن خلال هذه الأسطح ترتفع درجة حرارة السيارة بشدة حيث يؤدي ذلك إلى أجواء من عدم الارتياح داخل مقصورة السيارة، ومن ثم فإن الأمر يتطلب تطوير ستائر مُكلفة للحماية من الشمس أو ستائر شرائحية أو ستائر تقليدية، وكل هذه التجهيزات تحتاج بدورها إلى آليات تشغيل عديدة مع ضرورة توافر مكان مناسب لها، وفي النهاية يتسبب كل ذلك في وجود وزن إضافي بالسيارة.
ولتجنب مثل هذه المشكلات قامت شركة مرسيدس - بنز بتطوير تقنية بديلة للتظليل والحماية من أشعة الشمس، ويقول المطور أندرياس زيغان إن الزجاج، الذي يتم إعتامه تماماً في أجزاء من الثانية، يتيح إمكانية «الرفاهية بضغط زر»؛ حيث أمكن تحقيق ذلك من خلال الاعتماد على الجزئيات المعدنية المجهرية الموجودة في سائل بين طبقتي الزجاج، حيث تعوم هذه الجزئيات المعدنية بشكل عشوائي في السائل الناقل، وبذلك فإنها تشكل وسيلة إعاقة لتمنع نفاذ أشعة الشمس إلى داخل مقصورة السيارة. وإذا قام سائق السيارة بتشغيل الجهد الكهربائي، فإن هذه الجزئيات المانعة تتخذ وضعاً عمودياً وتسمح بنفاذ ضوء الشمس إلى داخل مقصورة السيارة، كما هو الحال مع الستائر الشرائحية عندما يتم إدارتها لتسمح بدخول أشعة الشمس إلى الداخل.
ويقول أوفه رينز، مطور آخر لدى شركة مرسيدس – بنز :"وبذلك يمكننا زيادة أجواء الراحة المناخية في السيارة بشكل واضح". كما أنه يَعد بإدخال هذه التقنية قريباً مرحلة الإنتاج القياسي بأسعار تقل كثيراً عن الحل المستخدم حتى الآن في سيارات مايباخ؛ حيث تبلغ تكلفة السقف المستوحى من المقاهي اليابانية والذي يتحول بضغطة زر إلى الحالة الشفافة أو الحالة الغائمة مثل الزجاج البلوري الأبيض، ما يوازي سعر سيارة صغيرة تقريباً.
ويقول أندرياس زيغان إن فعالية هذا السقف ثبتت بالفعل من خلال الاختبارات التي تم إجراؤها عن طريق رحلات القيادة تحت أشعة الشمس الحارقة التي يشتهر بها الوادي الصحراوي «Death Valley» بولاية كاليفورنيا الأمريكية؛ "ولأول مرة يتم تحمل درجات الحرارة تحت الزجاج بدون تشغيل مكيف الهواء، على الأقل لبضع دقائق". وأوضح أوفه رينز أن ذلك يرتبط بميزة أخرى، قائلاً :"عندما لا تتعرض السيارة للسخونة بشدة، فإن مكيف الهواء يعمل عندئذ بدرجة أقل ومن ثم فإن السيارة تحتاج إلى كمية أقل من الوقود".
فيديو قد يعجبك: