حمدي غيث.. الملك الفتوة والأب المكلوم
كتبت - نيرة الشريف :
''كل حلفائك خانوك يا ريتشارد.. الكل باطل''؛ بوجه جامد يليق بملك إنجليزي أتي للحرب، أدي حمدي غيث دوره في فيلم الناصر صلاح الدين، حيث أدي دور ريتشارد قلب الأسد أمام أحمد مظهر الذي أدي دور الناصر صلاح الدين، وبوجه أب بسيط الحال طيب مكلوم في ابنه المفضل لديه، يقطن بحي شعبي في بيت أكثر بساطة من حال الأب، أدي حمدي غيث دور عباس الضو في الجزء الثاني من مسلسل المال والبنون بعد وفاة أخيه عبد الله غيث الذي كان يؤدي الدور نفسه، وهل على ممثل متقن عجب أن يأتي بالنقيضين، سواء كان ملك إنجليزي مستعمر أو أب مصري بسيط مكلوم؟! بنفس السلاسة استطاع غيث أن يؤدي الدورين، غيث هو ذاته الفتوة الظالم ''حسونة السبع'' الذي يفرض الإتاوات ويذل أهل الحي في فيلم ''التوت والنبوت''، ويضطهد أسرة عاشور الناجي الذي أدي دوره الفنان عزت العلايلي، ويقوم الفيلم علي أحداث الحلقة الأخيرة من رواية الحرافيش للأديب العالمي نجيب محفوظ.
اليوم يمر نحو تسعة أعوام علي رحيل الفنان حمدي غيث عن الحياة، تحديدا عام 2009 رحل الأخ الأكبر للفنان عبد الله غيث الذي سبقه بالرحيل بنحو ستة عشر عاما، لم يكن مخططا لغيث الأكبر من البدء أن يصبح ممثلا، فقد بدأ حياته طالبا بكلية الحقوق، والتحق بعدها بمعهد التمثيل، لكن دراسته للحقوق لم تكتمل، فقد تركها بعد أن جاءته منحة لتكملة دراسته المسرحية في باريس، وكان هذا هو نهاية عهده بالقانون، وحسم اختياره في سبيله في الحياة بأنه سيكون التمثيل ولا شيء أخر، فقط ''ممثل'' ولا شيء بالإضافة إلي ذلك! وإذا أوجد في حياته شيئا أخر غير الكاميرا والوقوف أمامها، كان هذا الشيء في إطار التمثيل أيضا فعمل أستاذا في أكاديمية الفنون، وتولي منصب نقيب الممثلين لأكثر من دورة، كما عمل بالإخراج المسرحي، ومن منتجاته في هذا المجال كانت مسرحية ''أرض النفاق''.
بعد أن مرّ نحو الثلاثين عاما من عمره، يقف الآن أخيرا أمام الكاميرا للمرة الأولي في حياته، مؤديا دوره الأول في فيلم صراع في الوادي مع فاتن حمامة وعمر الشريف، وتوالت أفلامه بعدها ووصلت إلي نحو 19 فيلما، إلي جانب المسلسلات التي كان أهمها ''الفرسان'' في دور العز بن عبد السلام، و''الشهد والدموع''، و''المال والبنون''، و''زيزينيا''، و''السيرة الهلالية''، و''ذئاب الجبل''.
كانت أخر محطاته من مستشفي عين شمس التخصصي حيث عاني رحلة مع المرض لم تطل لأكثر من ثلاثة أسابيع، عن عمر يناهز ال82 عاما، شيعت جنازته تحديدا عام 2006 من مسجد المسرح القومي، والذي انتقل منه إلي مثواه الأخير بقرية كفر شلشلمون بالشرقية.
فيديو قد يعجبك: