غسان مطر.. المخابراتي الذي اغتيل أفراد أسرته ولم ييأس
كتب- حسين الجندي:
تميز بصوته الأجش، وجعل لنفسه أسلوبًا خاصًا، ورغم الكم الكبير من الاعمال الكوميدية التي قدمها إلا أن المخرجين والمنتجين هم من وضعوه في أدوار الشر، هو الفنان الراحل غسان مطر الفلسطيني الأصل الذي ولد في الثامن من ديسمبر لعام 1938 .
استطاع عرفات داوود حسن المطري الشهير بغسان مطر، أن يخدعنا ويُمثل علينا دور الشرير، على الرغم من أنه بدأ رجلاً مناضلاً في إحدى الحركات الخاصة بالمقاومة الفلسطينية، عندما كان زميلاً للزعيم الراحل ياسر عرفات، وقام بدور مخابراتي أثناء نقله المعلومات لأعضاء قوات المقاومة في مصر وفلسطين ولبنان والأردن والتنسيق بين جميع فصائلها لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
خلف هذا الوجه المتأنق طفل المخيم، الذي تحول الي المناضل الذي لم تبعده شاشة السينما عن دروب النضال ولا عملياته الفدائية، ولا أحيانا حتي حمل السلاح، وخلف ما يبدو عليه من مظاهر الفخامة وخلف هذا الصوت المميز الاجش، لم ينس غسان مطر الذي ولد في يافا ضمن 14 أخ وأخت قضيته، ولكنه غادر ليناضل من أجلها.
في سنة 1958 ذهب غسان مطر ليقدم أوراقه من أجل أن يصبح ضابطاً في جيش التحرير الفلسطيني، الذي كان يُشكل وقتها في بغداد ولكنه قُبل بالرفض رغم استيفاءه جميع الأوراق، وكان هناك سجلاً خاصاً به مكتوب عليه "متهم بالتحريض.. ناصري" .
اعتبر غسان مطر أن الرئيس الراحل ياسر عرفات هو الأب الروحي له، وكان يتعامل معه علي أنه الفنان المناضل المعطاء، ولم تمنعه الشهرة من تنفيذ عمليات سرية، جعلته ضمن قائمة المطلوبين لدي الإسرائيليين، وقد دفع ثمن ذلك عندما فقد زوجته ونجله جيفارا ووالدته في ليلة حرب المخيمات، وكانوا من الأوائل الذين تم اعلان اسمائهم بعد مقتلهم وكان وقتها غسان مقيماً بالقاهرة.
لم ييأس غسان مطر بعد هذه المحنة، ولكنه استمر في تقديم أعماله الفنية، وكانت له "لازمات" خاصة به منها "اعمل الصح"، "باي باي يا كوتش"، وكانت له جملته الشهيرة التي كن يقولها دائماً في أي لقاء صحفي أو تليفزيوني.. "إذا كانت السياسة فن قائم علي الرؤية الانسانية للواقع الذي نعيش فيه، فإن الفن سياسة ايضا لتحريك الوجدان ومشاعر ملايين البشر".
لم يتخيل غسان مطر وقت دخوله عالم الفن، أنه سوف يقوم بأدوار الشر، وكانت انطلاقته الحقيقية في هذه الأدوار عندما كان يستعد لفيلم سينمائي مع المخرج حسام الدين مصطفي بعنوان "المتعة والعذاب".
وضع غسان مطر نفسه بين الكبار الذين قدموا ادوار الشر مثل ستيفان روستى، وزكي رستم، وتوفيق الدقن، وفريد شوقي، ورشدي أباظة، وعادل أدهم، ومحمود المليجي وأخرون، ورغم كل هذه النجومية التي بدأها صغيراً، الا انه لا يزال يحمل عضوية حركة المقاومة المركزية الفلسطينية التي تضم كافة التنظيمات الفلسطينية.
دخوله عالم الفن والنجومية لم ينسيه قضيته وعروبته ونضاله، فقدم عدد من الأفلام في بداية مشواره الفني، وكانت تُشجع علي النضال وحث الشعوب علي رفض الاستعمار ورفض الظلم، فقدم عدد من الأفلام التي تعبر عن ذلك منها عام 1969 كلنا فدائيون، والفلسطيني الثائر، وهي أول أفلامه ولم يترك نضاله وقضيته.
تتلمذ غسان مطر علي يد سيد بدير ويوسف وهبي واسماعيل يس، وبدأ التمثيل في عام 1963، لتتوالي بعدها الأعمال الفنية التي فاقت 50 عمل فني، ما بين مسرح وسينما وتليفزيون، ورحل عن عمر يناهز الـ 77 تاركاً هذا الكم الهائل والراقي من الاعمال الفنية.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: