عيد الفن المصري: تاريخ متجدد من الاحتفال والمنع (فيديو)
القاهرة – (هنا صوتك):
احتفت الأوساط الفنية في مصر، قبيل أيام، بعودة ''عيد الفن'' بعد انقطاع دام ثلاثين عامًا، بالتزامن مع المعركة الطاحنة حول عرض أو منع فيلم ''نوح'' لراسل كرو، والذى يجسد حياة النبي نوح. وعلى سبيل المفارقة أيضًا يتم الحكم على الكاتب ''كرم صابر'' صاحب المجموعة القصصية ''أين الله'' بالسجن خمس سنوات بتهمة ازدراء الأديان. فعلى ما يبدو أن الفن الذى احتفى به الفنانون في جو مبهج وتبادلوا فيه الجوائز والتهاني والابتسامات هو ليس الفن محل الخلافات والمصادرة.
كانت مجلة المسرح قد نشرت في عددها الصادر في مايو 1926 أن الفنان يوسف وهبي بصدد تمثيل دور النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، في فيلم من إنتاج ألماني تركى مشترك، ثم عدل وهبي عن الفكرة بعد حملات الهجوم التي تعرض لها بالإضافة إلى ضغط مباشر من الملك فاروق وتهديد بسحب الجنسية المصرية، وهو ما جعل مؤسسة الأزهر تصدر فتواها بتحريم تجسيد النبي، محمد وآل البيت، ثم اتسعت الفتوى لتشمل جميع الأنبياء والرسل والصحابة والعشرة المبشرين بالجنة، بدعوى أن تجسيدهم مخالف للشريعة الإسلامية. وحسبما يرى الناقد الفني طارق الشناوي فإن فيلم ''النبي محمد'' كان من الممكن أن يكون أول فيلم ناطق في العالم، لو أنتج بالفعل عام 1926، أي قبل ظهور السينما الناطقة عالميا بعام واحد.
ورغم أن فيلم ''نوح'' المثير للجدل يخالف الشريعة الإسلامية بتجسيده لأحد الأنبياء، كما تقول فتوى الأزهر، فإن فيلمًا آخر هو ''آلام المسيح'' للمخرج ميل جيبسون تم عرضه في مصر قبل سنوات، في حين أنه يضرب العقيدة الإسلامية عن المسيح عليه السلام، في صلبها، حيث يقول القرآن الكريم: ''وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم''. في حين يقوم أساس الفيلم على ما تعرض له السيد المسيح من إيذاء الصلب. وكذلك سمح الأزهر بعرض فيلم ''الرسالة'' في التليفزيون الرسمي للدولة بعد منعه من العرض منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا دون أن يُجرى أية حذوفات أو تغييرات على نسخة الفيلم، وهو ما يعد تضاربا في المعايير التي يجيز الأزهر أو يمنع بناء عليها.
ولعل أجواء الاحتقان التي نشهدها حول تقليص حرية الفنون في هذه الفترة ليست في أوج قوتها لعدة عوامل، ربما يأتي في مقدمتها تعدد سبل الوصول إلى المنتجات الفنية محل الخلاف، فالأمر ليس بتلك الصعوبة تحت سماوات التكنولوجيا المفتوحة، ولربما أدرك المصريون، عرفيًا، أنه لا طائل من ''المناهدة'' أمام فتاوى الأزهر وتحريماته في حين أنهم يعرفون جيدًا الطرق إلى ما يريدون مشاهدته أو قراءته والمثل فى ذلك الإقبال الشديد الذى شهده كل من مسلسلي ''يوسف الصديق'' و''عمر'' اللذين أفتى الأزهر بأن من يشاهدهما ''آثم''.
وربما كما قال البعض على صفحات التواصل الاجتماعي إن الحالة السياسية التي تشهدها مصر والمنطقة العربية ككل، لا تحتمل نزالا فنيًا دينيًا ''غير ضروري'' مقارنة بكم الفتاوى التي صدرت بخصوص أعمال فنية سابقة دون أن يلتفت لها أحد ولم تكن مُلزِمة إلا لمُصدريها.
والحالة التي تسجلها أجواء الحظر في مصر من اتفاق المؤسستين الدينيتين الإسلامية والمسيحية، كانت في العام 2004، بعد عرض فيلم ''بحب السيما''. فالفيلم الذي اعتبرته الكنيسة مسيئا لها وينال من جوهر الديانة المسيحية، تم وضعه تحت حصار معنوي جارف.
وفي سياق هذا الحصار، سأل وفد من القساوسة المسيحيين، رجال دين أزهريين: هل تقبلون بتصوير مشهد يظهر شاب وفتاة يتبادلان القبل داخل مسجد؟ وكان الغرض من السؤال، هو الحصول على إجابة معروفة، إمعانا في عرقلة الفيلم الذي صور مشهد قبلة عابرة بين شاب وفتاة داخل أحد الكنائس.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: