إعلان

"رعب أكبر من هذا سوف يجيء".. المصريون بين سخرية وهلع في موجتين لكورونا

06:33 م الأربعاء 30 ديسمبر 2020

احد المواطنين يرتدي كمامة خوفا من كورونا

كتب- عبدالله عويس:

"ما بدأ بسخرية، أفضى إلى قلق ورعب" هكذا تقول أحوال الموجة الأولى لفيروس "كورونا" في مصر، وبينما يعايش المصريون "أيام الموجة الثانية من الوباء" فإن استدعاء النكات أو "الكوميكس" بلغة مواقع التواصل، صار ملحوظا. وفيما دفعت الموجة الأولى المواطنين إلى الذعر والحرص في آن معا، تفعل الموجة الثانية الأمر نفسه، بما في ذلك من قلق على امتحانات الطلاب وأوضاع الدراسة، والخوف من الزحام في المتاجر والأسواق الشعبية والمواصلات، والتحذير من خروج المواطنين من منازلهم بلا إجراءات احترازية، وكأنما يعايش الناس لحظات مروا بها من قبل، غير أن تلك الموجة أشد شراسة.

في فبراير الماضي، كان باسم محمد يتابع أصداء الوباء الذي كانت الصين منشأه، بينما يتنقل من دولة لأخرى، عابرا كل الحدود بلا حواجز، وعبث بأحوال البلاد المتقدمة قبل النامية، ولم تفلح الإجراءات في وقف انتشاره، وحتى تلك اللحظات لم يكن قد أصاب أحدا في مصر، بحسب البيانات الرسمية، في وقت كانت النكات حول الفيروس أكثر ما تكون، حتى أنه بنفسه انخرط في مشاركتها وتدوين بعضها، حتى احتدم الأمر، وبدأت الإصابات تظهر في مصر: "كنا بنألش على كورونا، زي ما بنألش على أي حاجة تانية، لكن لما الموضوع زاد، حدة الألش قلت والسخرية بقى مكانها الخوف" يحكي مترجم اللغة الإنجليزية، الذي تذكره تلك الأيام الجارية بما حدث في بداية الإصابات في مصر: "اللي بيحصل دلوقتي نفس الكلام بنتريق على الأعراض وبنحاول نداري الخوف، لكن مع الوقت ده بيروح". يأتي ذلك في ظل عودة للحديث عن البقاء في المنازل، وإعداد الكعك والبسكويت، والخوف من زيادة الوزن، وقلة الفسح والخروجات.

صورة 1

كان الفصل التعليمي الدراسي الثاني قد بدأ منذ أسابيع، حين طالب أولياء الأمور وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بضرورة تعطيل الدراسة في مارس الماضي، ولم يلق ذلك استجابة في البداية، حتى تم تعطيلها، واستبدال الأبحاث بالامتحانات، وسرى الأمر على طلاب المراحل التعليمية المختلفة، فيما كان على طلاب الثانوية العامة تحديا لخوض غمار الامتحانات في ظل زيادة أعداد المصابين في الموجة الأولى. وفي هذه الأيام من الموجة الثانية، ارتفع أصوات أولياء الأمور بإلغاء الامتحانات أيضا، غير أن وزارة التربية والتعليم رفعت الغياب فحسب، مؤكدة في بياناتها أن الامتحانات ستجرى كما كان مقررا لها: "أنا يمكن الموضوع مش مقلق بالنسبة لي دلوقتي، لكن مع امتحانات الفصل الثاني هكون قلقانة لإني طالبة في تالتة ثانوي" قالتها هاجر الجندي، طالبة الصف الثالث الثانوي، والتي تتابع أولا بأول ما تنشره وزارة التربية والتعليم بشأن سير عملية الدراسة. يأتي ذلك في وقت ينشر فيه طلاب الجامعات موادا ساخرة تطالب بعودة الأبحاث محل الامتحانات المزمع إقامتها.

صورة 2

لاحظ وائل مصطفى الذي يعمل بإحدى مقاهي الجيزة، قلة أعداد المترددين مؤخرا، بارتفاع الإصابات بفيروس كورونا، مرة أخرى لتتجاوز الألف إصابة في اليوم، وهو الأمر الذي لاحظه مع موجة كورونا الأولى، التي أعقبها إغلاق للمقاهي وتعليق الفعاليات فيما عرف بإغلاق جزئي آنذاك: "نفس اللي حصل بيتكرر، بنفضل ننكر لحد ما نلبس ونلاقي نفسنا قدام إجراءات جديدة الحكومة هتاخدها". وكانت الحكومة المصرية قد بدأت في تطبيق قرارات لمواجهة انتشار الفيروس كان على رأسها إلغاء الاحتفاليات بمناسبة رأس السنة، والغلق الكامل لدور المناسبات، وتطبيق غرامة فورية تبدأ من 50 جنيها لمن لا يرتدون الكمامات، والتأكيد على التزام المقاهي والمطاعم بتطبيق نسبة تشغيل لا تتجاوز 50%: "طبعا يهمنا إنه ميحصلش زيادة في أعداد المصابين أكتر من كده لكن برضه خايفين على لقمة عيشنا".

فيما يشبه صحيفة للنعي، تحولت منشورات كثيرين على مواقع التواصل للمواساة وتقديم التعازي، في وفيات فيروس كورونا في موجته الثانية "الأشد شراسة"، بوصف متحدث مجلس الوزراء. يتذكر محمود النجار طبيب الأسنان الذي أنشأ صفحة باسم "فيروس كورونا" وصل عدد المتابعين لها لأكثر من 600 ألف حساب على فيس بوك، حين كان ينشر موادا ساخرة تحمل طابع التوعية بشأن الفيروس في موجته الأولى، حتى زادت أعداد المصابين ولم يعد في السخرية ما يصلح لأن يكون مادة للنشر، ومع قلة أعداد المصابين بعد ذلك في الشهور الماضية قلت منشورات الصفحة كثيرا، لكنها عادت منذ أيام مع الموجة الساخرة من عودة الفيروس للانتشار مرة أخرى: "لكن دلوقتي رجعت أنشر على الصحفة وفي تفاعل كبير، المختلف المرة دي إنه الموضوع أصعب، والوفيات أكتر، فببقى حيران أكتب إيه، والتايم لاين كله عندي وفيات" يحكي الشاب الذي توفي عدد من معارفه مؤخرا بسبب الإصابة بالوباء.

صورة 3

يلاحظ ابن محافظة كفر الشيخ، عودة النصائح من جديد، وعودة نشر الأعراض المصاحبة للجائحة، والتذكير على الدوام بضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية، لمواجهة انتشار كورونا، وفي رأيه أن الجديد بخصوص تلك الموجة بعض الخبرات السابقة، لتعامل الأطباء والمواطنين مع الإصابات: "الناس بقت في القرى مش هقولك المدن، بتجيب أنابيب الأكسجين ومواد تتعامل بيها في بيوتها، عشان مش ضامنين يلاقوا أماكن في مستشفيات" يحكي الطبيب الذي يتابع التفاعل على الصفحة التي أنشأها، التي يكون التفاعل على منشوراتها بالآلاف: "وأهي محاولة توعية بس بشكل ساخر، ممزوج بالألم والخوف".

صورة 4

كانت صفحة وزارة الصحة والسكان، لا تلقى تفاعلا كبيرا قبل أزمة كورونا، لكنها صارت حديث كل ليلة، في ذروة الإصابات بالموجة الأولى، ومع قلة أعداد المصابين بعد ذلك كان التفاعل يقل شيئا فشيئا، ومنذ أيام مضت ومع ارتفاع الإصابات بالآلاف يوميا، والتحذيرات المتكررة عاد للصفحة متابعوها، يترقبون الجدول الأزرق الذي يضم الأعداد المصابين الجدد والوفيات: "كنت بستنى الأرقام كل ليلة، لكن من وقت مبقتش أتابعها، لحد ما الأعداد رجعت تاني، كل حاجة بتفكرنا باللي حصل في الموجة الأولى، وكإننا بنعيش اللحظات دي للمرة التانية" يحكي أحمد عبد الجواد رب أسرة تعيش بالقاهرة، ويخشى على ذويه الإصابة. يحدث هذا فيما تؤكد وزيرة الصحة أن شهور "ديسمبر ويناير وفبراير تزداد فيهم الإصابات التنفسية، وستكون الإصابات فيها بكورونا كبيرة" ما يجعل القلق والرعب والترقب أكبر في الأيام المقبلة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان