حوار- خالد يوسف: قانون الـ"كارما" موجود بالمسيحية والإسلام.. ومصر محصنة من "الفتنة"
حوار- منى الموجي:
تصوير- محمود عبدالناصر:
اعتبر الوسط الفني غيابه عن السينما لمدة 7 سنوات خسارة كبيرة للفن، لكنه رأى أن الوطن استحق منه الابتعاد، فمنذ اليوم الأول في ثورة 25 يناير، شعر بأن عليه واجب تجاه وطنه وشعبه، وسعى لأن يكون عمله بالسياسة بابًا لخلق حياة أفضل للأجيال المُقبلة، هو المخرج الكبير خالد يوسف الذي أسعد أهل الفن بقرار عودته للإخراج، وانتظر الجمهور فيلمه الجديد "كارما"، والذي يشارك به في موسم عيد الفطر الجاري.
"مصراوي" كان له لقاء مع خالد يوسف، ليحدثنا عن تفاصيل "كارما"، والأزمة التي تعرض لها الفيلم قبل عرضه بساعات، وخوف البعض من أن يثير فتنة طائفية، إلى الحوار..
كيف استقبلت خبر سحب ترخيص عرض الفيلم قبل ساعات من إقامة العرض الخاص؟
تلقيت الأمر بهدوء شديد، فما قيل لي كان كلام ساقط قانونًا ومنعدم، وكنت أثق أنني ساستطيع تمرير الفيلم، سواء باللجوء للمؤسسات السيادية أو باللجوء للقضاء باعتبارنا دولة مؤسسات، فسحب الترخيص تم بمخالفة قانونية فجة، فمخالفة شروط الترخيص لها محددات في القانون، ويتم إرسال إنذار بإزالة المخالفة، وإذا لم يستجب صنّاع العمل، يُسحب الترخيص، وهذا ما لم يحدث معي، ووجود مخالفة وعدم إبلاغي بها معناه أن السحب قرار ساقط، وكنت أثق أن من أول جلسة في القضاء الإداري سأحصل على حكم لصالحي، لكن ارتأيت أن أذهب في البداية للمؤسسات السيادية، استفسر عن حقي، وتناقشنا لأنهم لم يكونوا على علم بالموضوع، وبحثوا في الأمر وصرحوا بعرض الفيلم.
معنى ذلك أن الجهات التي ذهبت لها شاهدت الفيلم أولًا؟
طبعًا شاهدوا الفيلم، ورأوا أن ليس هناك ما يدعو لسحب الترخيص.
وما تعليقك على ما تردد بشأن أن الأزمة لم تكن سوى مجرد دعاية للفيلم؟
لا يُعقل أنني جعلت الحكومة تعمل لصالحي، وكما أصف قرار سحب الترخيص بالعبث أصف أيضًا الشخص الذي يردد هذا الكلام بأنه شخص عابث أو مجنون، فمن يكون خالد يوسف، حتى يجعل مؤسسات الدولة تعمل لصالحه ما بين سحب الترخيص لعمل شو، ثم إصدار ترخيص جديد، "يعني شغلت وزارة الثقافة والمؤسسات السيادية لحساب فيلم، ده غير منطقي، لو مصدق نفسه يبقى عنده خلل عقلي".
في رأيك.. لماذا حتى الآن يتم التعامل بنفس العقلية التي منعت من قبل فيلم "شيء من الخوف" حتى منحه الرئيس جمال عبدالناصر إذن بالعرض مشيرًا إلى أنه ليس "عتريس"؟
هناك عقول لا تدرك الزمن والتغيرات التي حدثت، وأثناء نقاشي مع إحدى الجهات قلت لهم نفترض أن الفيلم فعلًا إذا تم طرحه سيتسبب في أزمة وتفجير لقضية، وأنه مُغرض ويريد هدم الدولة المصرية، بفعلتكم هذه –المنع- ستساهمون في هدم الدولة المصرية فعلًا، لأن مئات الآلاف الذين سيذهبون إلى السينما لمشاهدة الفيلم سيتحولون لـ30 أو 40 مليون شخص سيشاهدونه عبر الانترنت، فمن يفكر بعصرنا هذا في المصادرة واهم، لسنا في زمن المصادرة، أيام الستينات كان من الصعب الحصول على كتاب تم منعه أو فيلم رُفض عرضه، لكن الآن منع فيلم أو أغنية يعني انتشارها بالملايين، وعليهم أن يفيقوا ويعوا ذلك.
هذا ما طرحته في فيلم "المصير" مع المخرج يوسف شاهين قبل سنوات.. أن الأفكار لها أجنحة ولا يمكن منعها؟
طبعًا، تخيلي كنا نشير أن هذا حدث قبل 800 عامًا تقريبًا. نحن نحيا في عصر السماوات المفتوحة ومنافذ المعرفة موجودة في كل مكان.
ألم يكن على سيناريو الفيلم أي ملاحظات رقابية وقت عرضه على الرقابة قبل التصوير؟
نهائيًا، الرقابة أجازت تصوير السيناريو ومنحتنا ترخيص بالعرض بعد مشاهدته كاملًا، ولهذا لا أحمل الرقابة أية مسؤولية، فالمسؤولية تقع على من أصدر هذا القرار، بعد رؤيته لمقدمة الفيلم وللأغنية، وقال إن خالد سيتسبب في أزمة "طب يا عم تحرى الدقة وقول أشوف الفيلم. انت بتضر الدولة".
كيف رأيت دعم السينمائيين لـ"كارما"؟
رأيته تصرف مشرف، شيء عظيم، وأتمنى أن هذا الدعم يستمر مع شباب المخرجين والسينمائيين الذين تتعرض أعماله لنفس الظرف.
البعض طالب السينمائيين بالوقوف إلى جوار فيلم "آخر أيام المدينة" حتى يخرج هو أيضًا للنور في قاعات عرض مصرية.. فهل كنت تعلم بمرور الفيلم بنفس أزمة فيلمك تقريبًا؟
سمعت بقصة منع عرض الفيلم، وأنا في قلب مشكلتي، لم أعرف بها من قبل ربما لانشغالي بالتصوير، وسأبحث في الأمر، لأعرف كيف يمكن أنا وباقي السينمائيين أن نساعد صنّاعه. اعتدت مساندة شباب المخرجين ودعمهم في حال تعرضه لأزمة، فحاربت كما لو كانت قضية أفلام "لا مؤاخذة"، "اشتباك" و"طلق صناعي" قضيتي، والأسماء الذين وقفت إلى جوارها موجودة "عمرو سلامة، محمد دياب، وخالد دياب"، وعلى السينمائيين التصدي للمصادرة، فحرية الإبداع منصوص عليها في الدستور.
تغيبت عن السينما 7 سنوات فهل درت السوق قبل العودة واخترت على أساسه العودة بـ"كارما"؟
تعودت قبل الابتعاد عن السينما أن أي إعمال للعقل، وأي معادلات عقلية ومنهج فكري، والبحث عن "التيمة" التي تناسب الجمهور ومزاجه النفسي والتنظير، تنتهي في النهاية إلى نتائج غير دقيقة، ومن نتاج تجربتي قررت أن أسير وراء إحساسي، فكل أفلامي وعددها 11 فيلمًا اخترتها بإحساسي والحمد لله نجحت، فلماذا أغير أسلوبي، بالفعل أدرك وجود متغيرات هائلة حدثت في السبع سنوات الماضية، لكن ليس لدي القدرة لحساباتها ولا يمتلك أي أحد غيري
هذه القدرة.
الفيلم تحدث عن قانون الكارما –هي الفعل أو العمل في لغة الطقوس لطائفة البوذية- المؤمن بمبدأ "كما تدين تُدان".. هل حياتنا تسير وفق هذا المبدأ؟
"كما تدين تُدان" مبدأ إسلامي ومبدأ مسيحي، بالطبع البوذية تحدثت عنه قبلهما، لكنه مبدأ موجود في أقوال السيد المسيح، وسيدنا النبي تكلم عن نفس الحكاية، فمسألة الثواب والعقاب ليس جنة ونار فقط، فالشقاء والسعادة في الدنيا ثواب وعقاب أيضًا، لو ارتكبت خطأ في الدنيا ونجيت من العقاب هتتعاقب في الآخرة، وهناك عقاب آخر في الدنيا هو عدم شعورك بالسعادة، وإذا غلّبت نوازع الخير ستشعر بسعادة أكثر من أي شخص آخر، في رأيي أن قانون الكارما موجود في الدين المسيحي والإسلامي وفي تراثنا أيضًا.
البعض فسّر جملة قيلت على لسان شخصية مسيحية في الفيلم وهي "قلت محمد رسول الله وهتقتل خالك" على أن المقصود بها الإشارة إلى أن "الإسلام" دين قتل.. ما تعليقك؟
المسيحي الذي قال هذه الجملة، ارتكب فعل القتل أيضًا في البداية، الناس عليها أن تفكر قليلًا قبل أن تقول هذا الكلام، ثم من الذي قال إن الشخصية التي قتلت الخال لم يكن "وطني" المسيحي لا "أدهم" المسلم، فمن الممكن أن يكون الحوار دار بين شخصين مسيحيين.
يمكن.. بما أنك تحدثت عن إمكانية وجود خلط بين الشخصيتين ضمن الأحداث.. لماذا لم تُظهر في نهاية الفيلم حقيقية الأمر هل هما شخصين أم شخص واحد هو المسلم أو المسيحي وأحدهما يعيش في خياله حياة الآخر؟
قصدت هذا النقاش، فكل شخص من حقه أن يرى الأمر وفقًا لتفسيره، لأن لو الجمهور ناقشه في النهاية سيصل لمغزى الفيلم ولماذا أنا قدمته.
هل قصدت أن كل منهما موجود في حياة الآخر؟
لن أصادر على فهمك للعمل، إذا قلت رسالتي، سأصادر على الآخرين في التفكير.
اعتدنا في الأعمال الفنية أن يكون المسيحي هو الشخص الغني والفقير هو المسلم.. لماذا فعلت في "كارما" العكس؟
عندما نتحدث عن المهمشين في المجتمع، نشير إلى أن القرى الأشد فقرًا في المجتمع المصري في الصعيد، ونقول إن المهمشين في المجتمع المصري هم المرأة والمسيحيين، فلم أتحدث عن شيء غير حقيقي، فهذا ما نتداوله في أحاديثنا.
تنصير شخص ودخول آخر في الإسلامة مازالا يثيران أزمة كلما حدث أي منهما.. ألم تخش الدخول في هذه المنطقة؟
أنا آخر شخص يزيد احتقان في قضية الفتن، لأن طرحي من الأساس في الحياة أن المصريين دينهم لم يتغير تغير اسمه فقط، فهم أول شعب اكتشف الإله قبل نزول الديانات، وتدينهم هادئ وبالتالي لم نعان من مظاهر الفتنة الطائفية الموجودة في بلدان أخرى، لأننا مجتمع محصن ومظاهر التعصب مست قشرة المجتمع ولم تمس جوهره، وهذا هو طرحي.
الفنان عمرو سعد يلعب الدورين "وطني" و"أدهم".. هل كان هناك تفكير للاستعانة بممثلين بدلًا من ممثل واحد؟
لم تكن الفكرة مطروحة بهذا الشكل، سيفقد الفيلم معناه لو لم يكونا نفس الشخص، البطل يحلم بنفسه، ويقول هذا في بداية الفيلم "أنا بحلم بنفسي وبروح أماكن غريبة".
بعيدًا عن "كارما".. إلام انتهى مشروع "الأندلس"؟
حتى هذه اللحظة لم انته من تركيبته الإنتاجية، لأنها ضخمة، لكن هناك مشروع آخر استعد لتنفيذه بعد الاطمئنان على "كارما".
فيديو قد يعجبك: