الأخوان دياب: "اشتباك" مخاطرة.. وهذه نهاية الفيلم قبل تغييرها (حوار)
حوار- منى الموجي:
عندما يحدث الاشتباك فكريا تضيق علينا الأرض بما رحبت، ينقص الأكسجين نختنق نبدأ في البحث عن طوق نجاة، وربما من كنا نهاجمهم منذ دقائق يصبحون أول من نمد لهم يد العون لا للشيء سوى أننا بشر تستيقظ بداخلنا انسانيتنا، " اشتباك " يدعو ألا نقتل بداخلنا هذه المشاعر لأجل صراعات سياسية زائلة، تلك الهستيريا التي حمّلتنا مزيد من الصراعات، الفيلم كما يؤكد صناعه لا يدعو للتصالح كما ظن البعض هو لا يتحدث عن سياسة من الأساس بل يتحدث عن الإنسانية.
اهتمام الفيلم بالإنسان كان من أهم الأسباب التي جعلت منه فيلما عالميا ، تغيب عنه "الفذلكة" كل عناصر الفيلم بسيطة بشكل يؤكد حرفية المخرج الذي صنع كل شيء بميزان من ذهب، وهو ما جعل الجمهور يتعاطف مع كل شخصيات الفيلم دون النظر لانتماءتهم السياسية، ويفكر كإنسان يرى أناس في مأزق ويفكر أننا لم نُخلق في الحياة لخوض مشاحنات وصراعات وإنما لنحياها في حب وسلام.
"مصراوي" التقى مؤلف " اشتباك " خالد دياب وشقيقه محمد دياب مخرج الفيلم والذي شارك في التأليف، إلى الحوار..
من فيكما صاحب فكرة " اشتباك "؟
محمد: خالد هو صاحب الفكرة، وعندما عرضها عليّ وجدتها فكرة عبقرية، وعبقريتها الكبرى تتمثل في أن الفيلم لا يعبر عن وجهة نظرنا، لكن يعبر عن وجهات نظر الجميع.
أثناء الكتابة.. هل توقعت أن يلحق بالفيلم كل هذا الهجوم ؟
محمد: من البداية ونحن نعرف بخطورة الفكرة، وأنه سيكون له نصيب من اسمه وسيطوله اشتباك ، وأن الفيلم الذي يعبر عن الهستيريا ستطوله الهستيريا، "كنا عارفين ان فيه مخاطرة مليون في المية، لذلك كتبنا الفيلم 14 مرة، كل شوية نحذف منه السياسة ، وحرصنا ألا يطرح الفيلم نقاش سياسي بل نقاش إنساني، ليصلح للعرض في أي بلد تعاني من التقسيم الفكري.
سيناريو الفيلم كُتب 14 مرة.. هل كان هناك تفكير لوجود مشاهد خارج عربة الترحيلات وتم التراجع عنها؟
خالد: التواجد داخل عربة الترحيلات كان قرار إخراجي وكتابي منذ اللحظة الأولى، قررنا أن الجمهور يشاهد الفيلم من وجهة من هم بداخل عربة الترحيلات .
لكن وحدة المكان في أي عمل فني تخلق حالة من الملل؟
خالد: هذا كان التحدي على مستوى الكتابة والإخراج ، وعندما ننجح في الفيلم ونذهب به مهرجان ويحصل على إشادات بذلك نكون حققنا انجاز يوضع في الاعتبار .
محمد: بعض من رفضوا إنتاج العمل كان بسبب خوفهم من تصوير الفيلم في مكان واحد، وهو ما يجعلني أشيد بمعز مسعود ومحمد حفظي لأنهما أخذا هذه المخاطرة بعد إيمانهم بالفيلم وبرسالته.
ولِمَ اختارتما الحديث عن الاضطراب السياسي الذي وقع بعد انتهاء حكم الإخوان وليس أي فترة أخرى؟
خالد: لأن هذه الفترة شهدت قمة الاستقطاب السياسي، وقت حكم الإخوان كان هناك استقطاب سياسي شديد نحوهم، وكذلك استقطاب سياسي بعد 30 يونيو للنظام الحالي، فالصراع وصل لقمته، وهو ما يجعل الحالة الدرامية أقوى، والفيلم يقول إن هناك صراع، هؤلاء أطرافه وإن الهستيريا والاستقطاب الجنوني والتعصب للرأي سيودي بالجميع.
فكرة خلق سيناريو قائم على 25 ممثل تقريبا.. هل شكّل صعوبة لك وهل فكرت في تقليل عددهم؟
خالد: في البداية كان عندنا مشكلة أن كل ممثل من الـ25 دوره عبارة عن خمسة أو ستة سطور، الجمهور لن يعرف من هو، وأحد مبادئ السيناريو خلق شخصية أو اثنتين أو ثلاثة حتى يحبهم الجمهور ويتعاطف معهم، شكّل الأمر تحدي أن نجعل الناس تحب هذا العدد وتركز معه، وعلى فكرة العدد كان أكثر من ذلك وحذفنا بالفعل بعض النماذج، وما ظهر في الفيلم كان أقل تشكيل ممكن وضعه في عربة الترحيلات وفي نفس الوقت يحقق الدراما التي نريدها.
وعلى أي أساس تم اختيار الممثلين؟
محمد: أن يكون كل منهم مناسب لدوره، وكنا نبحث عن فنانين متفرغين لأن التدريب والبروفات ستستغرق حوالي عام، حيث بنينا نموذج لعربة ترحيلات من الخشب وتدرب بداخلها الممثلون لمدة ستة أشهر، وهي ظروف قد لا تناسب كل ممثل، لذلك اشترطت التفرغ التام وهو ما كان يكشف لي مدى إيمان البعض من عدمه بالمشروع، وحرصت على اختيار نماذج مختلفة من حيث العمر والشكل، حتى لا يحدث خلط لدى الجمهور ولا يعرف هذا من ذاك.
لكن تظل مشكلة أن لكل ممثل مساحة تمثيلية صغيرة جدا بحكم العدد الكبير قائمة.. فهل تخوف البعض من هذه النقطة؟
محمد: أكيد هناك من تخوف من الأمر واعتذر عن دوره في الفيلم لهذا السبب، و"ناس تانية قدرت تشوف الفيلم ده هيكون فين"، وصحيح ممكن تكون جملهم قليلة لكن سيشعر الجمهور بوجوده طوال مدة الفيلم، ومن الممكن أن أربع جمل أو مشهدين يتركون أثر لدى الجمهور أكبر من أدوار أخرى ، فيه ناس حاربت من أجل الفيلم، مثلا نيللي كريم والتي تعتبر من أهم نجمات مصر وصديقة عزيزة، كانت مبهورة بالفيلم للدرجة التي جعلتها تطلب مني خلق شخصية تناسبها لتشارك فيه، ولم تعترض على أن دورها مثل شباب بعضهم يمثل لأول مرة في حياته، لأنها استطاعت رؤية الصورة وتخيلت الشكل النهائي للفيلم.
"السلسلة" التي فعلها الإخوان بالفيلم وغيرها من الأمور التي تعكس معرفة جيدة بالتنظيم.. من أين عرفتما هذا الكلام؟
خالد: "شكل التنظيم والهيكل التنظيمي وكلمة السلسلة حاجة حقيقية جدا بيعملها الإخوان وعملوها أمام مجلس الشعب قبل كدا لما كانوا بيحموا نواب المجلس من المظاهرات"، كلنا عشنا في عهد الإخوان سنة وشاهدناها في التليفزيون، بالاضافة لوجود الأستاذ معز مسعود وهوعالم وباحث وعارف بالجماعات الاسلامية، وقدمنا معه من قبل برنامج "خطوات الشيطان"، والذي تحدثنا في طياته عن الجماعات الإسلامية، وقمنا ببحث كبير جدا أثناء الإعداد للبرنامج .
محمد: وتقابلنا مع خبراء وأفراد انشقوا عن جماعة الإخوان ، أثناء فترة الإعداد للفيلم.
وكيف رأيت الهجوم على الفيلم؟
محمد : لم أنشر الهجوم الذي تعرض له الفيلم، بل وجدت عدد غير طبيعي من الجمهور يرد على المهاجمين، وأسبوعيا هناك مقال ينشر عني معلومات شخصية ويحاول تشويه الفيلم، بكلام لا يمت للحقيقة بصلة، وتشويه لمعز مسعود ، رغم أن الفيلم مجاز رقابيا كسيناريو، وشارك في " مهرجان كان " دون أي اعتراض، لكن بمجرد عودتنا وبسبب الهستيريا أصروا على وضع جملة قبل الفيلم حاولت الاعتراض عليها ورفضتها، لأنها جملة تحمل معنى سياسي في حين أن الفيلم يسعى للهروب من السياسة ، وهذا كله لا ينفي سعادتي بموقف الرقابة وموافقتها على عرض الفيلم دون حذف.
كيف كان شعورك بعد عرض تقرير في التليفزيون المصري يهاجم الفيلم أثناء تواجده في مهرجان كان ؟
محمد : شعرت بالخوف، والبعض أشار عليّ بعدم العودة إلى مصر خوفا من إلقاء القبض عليّ، ولم أعرف حتى الآن إذا كان هذا التقرير يعكس رأي الدولة أم لا .
ولماذا تم اختيار نهاية مفتوحة للفيلم؟
محمد: فضلنا أن تكون النهاية مفتوحة وكل الخيارات ممكن حدوثها، لأن الموضوع يحمل أكثر من وجهة نظر فنحن نطرح سؤال ولا نملك جرأة تقديم إجابة ، ببساطة نحن نعيش الآن نفس الموضوع فهل وجدنا الحل.
كانت هناك نهاية أخرى مكتوبة للفيلم .. لماذا تم تغييرها؟
محمد: النهاية الأولى ستجعل أحداث الفيلم تطول أكثر لمدة دقيقتين تقريبا، وتطرح نفس الأسئلة التي تطرحها النهاية التي ظهرت ، وفيها تغرق عربة الترحيلات ، والحمد لله النهاية التي ظهرت للجمهور "أنا طاير بيها" لان استطعت من خلالها توصيل وجهة نظري.
لماذا تشتركان في كتابة أعمالكما؟
خالد: الكتابة أصعب مرحلة في الصناعة، المنتج النهائي يخرج بصورة أفضل بمروره على عقلين أو ثلاثة، وهي مرحلة شاقة، عندما أكتب وحدي أشعر بالملل وبحاجتي للمساعدة، وجوانب كتابة العمل الفني كثيرة جدا على شخص بمفرده.
محمد : الكتابة عملية فيها انعزال وقسوة شديدة، أن يظل الشخص بمفرده وستستغرق وقتا أطول عما إذا اجتمع أكثر من فرد على كتابة سيناريو.
ماذا عن جديدكما؟
خالد: فيلم " طلق صناعي " أول تجربة إخراجية لي، ونتشارك في كتابته أنا ومحمد وشيرين دياب، بطولة حورية فرغلي ، ماجد الكدواني ، سيد رجب ، مصطفى خاطر ، أكرم الشرقاوي، ونكتب أيضا مسلسل اجتماعي عن رجل وزوجته ومحمد يكتب فيلم خيال علمي .
فيديو قد يعجبك: