لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

‏‫حين قالت جيهان السادات لأحمد زكي: "نعم يا ريس"

03:27 م السبت 28 مارس 2015

كتبت- نيرة الشريف:

الآن أنت لست أنت، لست زكي، علي من حولك أن يلتزموا بذلك تمام الالتزام، يخلع اسمه وشخصيته مع ملابسه الشخصية فور دخوله إلى الاستوديو، ويطلب ممن حوله أن ينادونه باسم "جمال"، هذه كانت كواليس أحمد زكي في فيلم (ناصر 56)، والذي قام فيه بتجسيد شخصية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، هكذا قال المخرج محمد فاضل والذي قام بإخراج الفيلم عنه، "لم أتذكر للحظه أن احمد زكي هو من يقف أمام الكاميرا، لكنه أجبر من حوله أن جمال عبد الناصر موجود معنا في "اللوكيشن"، فكان يجلس مع الجميع خارج التصوير ولكن بشخصيه جمال”. هكذا يؤكد فاضل أنه لم ير ممثلا لديه القدرة علي تغليب الشخصية علي الممثل أكثر من زكي.

وفي حوار أخر قال فاضل عند سؤاله عن دور المخرج في توزيع الأدوار "لا أقبل نص وعليه ممثل، لأن هذا لا يجوز، وفيلم ناصر 56 حالة خاصة، وجاء لي النص الخاص به، وبه البطل أحمد زكي، ونحن نفتقد الآن هذا الممثل الرائع".

تسكنه الشخصية، فلا تبقي له من نفسه شيئا سوي إدراكه أن ما يفعله مسؤولية عليه أن يؤديها كأفضل ما ينبغي "سأعمل فيلما عن السادات وبعدها فيلما عن عبد الحليم، فشخصية كل منهما تسكنني ولن أتنازل عن تقديمهما" هكذا قال للفنان فاروق إبراهيم الذي ظل يسجل بعدسته مراحل المشوار الفني لأحمد زكي منذ التقي به لأول مرة علي الجبهة أثناء تصوير 'أبناء الصمت'، يضيف إبراهيم "فقلت له: أنت جسدت شخصية الرئيس عبد الناصر في "ناصر 56" فالأفضل أن تفصل بينهما بفيلم حليم، فقال لي عندك حق، وأذكر أننا سرنا بسيارته إلي المنتزه، فقلت له لقد صورت عبد الحليم في هذا المكان وهو يغني "مشيت علي الأشواك" لفيلم "أبي فوق الشجرة"، فأوقف السيارة وهبط منها، وقال لي اعتبرني عبد الحليم وصورني، وبدأ في التحرك علي الشاطئ، وهو يؤدي نفس حركات عبد الحليم لدرجة أدهشتني".

"في عز ما كان عندي الكانسر (السرطان)، وهما بياخدوني هنا وهنا، وبيعلقوا لي محاليل، كنت بفكر في فيلم عبد الحليم.. ليه مانصورش إذا كنّا هنعمل الحاجات دي تاني في فيلم عبد الحليم؟؟" يضيف ضاحكا "مش كده وبس، أنا جالي جلطتين.. الجلطتين دول عملوا لي لغد، فطبعا مفيش هواء، لقيت الدكاترة كلها خايفة، لأن الجلطات دي اتضح أنها حاجة صعبة.. بس أنا برضه دماغي هناك.." كان هذا ما قاله الفنان أحمد زكي في أخر حوار تليفزيوني أجراه "بس أنا برضه دماغي هناك" ربما تُلخص هذه الجملة جانب كبير من المشوار الفني الذي قطعه الفنان أحمد زكي، كانت توضح علاقته بعمله، وبالشخصية التي يجسدها، فقط كل ما يمكنه أن يقوله عن هذه العلاقة يستطيع أن يختزله ببساطة في خمسة كلمات، فلا يمنعه المرض، ولا يكتف الألم انشغاله بالشخصية التي سيقف أمام الكاميرا لتصبحها وتصبحه، ولا يحول ضيق التنفس وقلة الهواء الواصل إلي رئتيه سريان أفكاره إليها.

كتب خالد بطراوي في سلسلة حلقات عن حياة زكي، أنه مع بداية تصوير أحد مشاهد فيلم "أيام السادات"، وكان داخل فيلا الرئيس الراحل أنور السادات، وكان المشهد بحضور السيدة جيهان السادات، بدأ المخرج محمد خان الاستعداد للمشهد بقوله "سكوت ح نصور"، وخيم الصمت على المكان، لتصوير المشهد الذي كان يجمع أحمد زكي وميرفت أمين، ودارت الكاميرا، وبدأ أحمد زكي في تقمصه التام لشخصية الرئيس الراحل، لدرجة تجعل من الصعب أن تتعرف من ملامح وجهه أيهما هو تحديدا، ولن يسعفك إلا إذا تذكرت أن أحد الشخصيتين قد رحل لعالم أخر، والثاني يقف أمام الكاميرا مؤديا دوره، وكان المشهد يتطلب من أحمد زكي أن ينادي بصوت مرتفع على ميرفت أمين باسمها، فما إن قال بصوته: "يا جيهان"، حتى ردت السيدة جيهان السادات بشكل عفوي: "نعم يا ريس"، فأوقف خان المشهد، ونظر الجميع إلى السيدة جيهان السادات التي انهمرت الدموع من عينيها، واتجهت نحو السلم لمغادرة المكان، فأسرع إليها أحمد زكي يعتذر.

"أتعامل مع شخصيتي كطبيب يتعامل مع حالة، أقوم بمعايشة وجلسات أسأل من خلالها الشخصية عن طفولتها وأحلامها وانعكاسات البيئة التي عاشت معها وأضع يدي على نقاط الضعف والقوة، وفي النهاية أحضر ملفا خاصاً عن تلك الشخصية." هكذا قال زكي للإعلامي طارق حبيب في برنامجه من الألف للياء.

أنجز زكي ثلاثة أرباع حلمه، جسد شخصيتي الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات، فقط لم يمهله القدر أن يكمل "حليم" تلك الشخصية التي رآها تشبهه ويشبهها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان