فيلم "الشمس الساطعة".. باب الغفران دومًا مفتوح
كتبت_رنا الجميعي:
كانت دومًا الحرب هي البطل بحياة البشر، حتى الذين عاشوا على أطرافها ولم يكونوا مقاتلين بها، لمسة الحرب تقتل وتُبغض الناس ببعضهم، لذا أفلام كثيرة تحدثت عن النزاعات، وما يؤول إليه الإنسان بسببها، رغمًا عنه، بقاعة الهناجر عُرض الفيلم ضمن مهرجان القاهرة السنيمائي.
هُنا في فيلم "الشمس الساطعة"، وهو إنتاج هذا العام مشترك بين كرواتيا، صربيا وسلافيا، تنتحى مشاهد الحرب اليوغسلافية جانبًا، لكن درامية أجواءها تظل موجودة بقرى البلقان، من خلال ثلاث قصص حب منذ 1991 حتى 2011، كل قصة منهم تحدث على رأس العقد، وتليها الأخرى بعد عشر سنوات.
تبدأ افتتاحية الفيلم بالموسيقى، بشمس ساطعة قادمة من أراض البلقان، أرض خضراء وساكسفون يعزفه لاعبه، وهو بطل الفيلم "جوران ماركوفيك"، كذلك البحر الذي تنزل إليه بطلة الفيلم "تيهانا لازوفيك"، وقرار اتخذاه بالهرب إلى المدينة، بعيدًا عن أجواء الحرب المسيطرة في ذلك الوقت على قريتيهما، حيث أن الاثنين خالفا الواقع الذي يجعل منهما صاحبا كراهية عرقية.
كل قصة من القصص تُسمى باسمي بطليها؛ فالأولى هي "يلينا وايفان"، الثانية "ناتاشا وآنتي"، والثالثة "مار ولوكا"، كذلك لعب تلك الأدوار نفس الممثلين، مع نهاية القصة الأولى التي يموت فيها ايفان بسلاح ناري في رأسه، ويقع أرضًا، تفاجأ به يدق باب مسكن ناتاشا، لمن لم يقرأ نبذة عن الفيلم قبلها، سيندهش من وجوده قليلًا، هذا ما حدث بقاعة الهناجر، لتُدرك بعدها أنها قصة أخرى، بتفاصيل بطل آخر.
ذلك التكنيك الذي استخدمه المخرج "داليبور ماتانيتش"، منح المشاهدين لرؤية الحب في زمن الحرب وما بعدها بأبعاد مختلفة، أتاح الفرصة لمشاهدة ثلاث احتمالات مُختلفة عما ممكن أن يكون عليه الحب أثناء الحرب في 1991، ثُم بعدها في 2001 لتحتل الكراهية والمقت موقع كبير في القصة الثانية، حيث تعاملت ناتاشا مع آنتي القادم لتصليح مسكنها المدمر ببغض شديد، لم تُعط الفرصة لاحتمالية وجود حب بينهما، رأت فيه العدو الذي قتل أخيها، وأغلقت الباب على قلبها، أمّا في 2011 بعد زمن بعيد إلى حد ما عن الحرب، ما تزل الكراهية العرقية موجودة تحت ستار من الرقص والمُخدرات والمتعة، غير أن الأسف كان هناك مُبطنًا.
لكل من الموسيقى، البحر، والشمس، استخدامات لها مغزى بالفيلم، غايتهم السلام، فالثلاثة ظهروا بالحكايات، فالموسيقى بدأ بها الفيلم، وكانت سلاح ايفان في وجه الجنود، حيث حملت أيديهم البنادق، وحمل هو الساكسفون، وكلما أبعده أحدهم بعنف عن حبيبته يلينا، عزف أمامه موسيقى تسمعها لتسرع إليه، بعدما منعها أخيها من الهروب معه للمدينة، غير أن موسيقاه تلك قابلتها يد خائفة ومتوترة بسلاح أودى بحياته.
مع افتتاحية القصتين الأخرتين كانت الموسيقى هي البداية، في الحكاية الثانية كانت الأغنية المبهجة هي الخلفية للبنايات المُدمرة، لرصاص أحدث فجوات بالمساكن، ولبيوت هجرها أصحابها، في الثالثة لعبت الأغنية فيما كانت البنايات أعيدت مجددًا.
رافق البحر الفتاة في القصص الثلاث، هُنا كانت الكاميرا تستسلم لغواية البحر، فيستهلك عدة دقائق يرصد سباحة الفتاة فيه، مانحًا زمن من السكينة غير متوفرة بأنفس مثقلة بالهموم، أما الشمس التي بدأت بالفيلم، كانت عنوان للأيام المتتالية، ولم يلحظ المثقلون بالحرب أنها فرصة للتجديد، ومساحة لإسدال الستار على تلك الكراهية، لينتهي الفيلم بباب مفتوح، في احتمالية للغفران، وشمس في طورها للظهور.
فيديو قد يعجبك: