إعلان

''28 حرف'' للممثل أحمد حلمي يثير أكثر من 28 سؤالا في ''ثقافة عصر الفرجة''!

12:23 م الأربعاء 27 فبراير 2013

القاهرة - (أ ش أ):

كتاب ''28 حرف'' للممثل الشاب أحمد حلمى قد يثير في الواقع 28 سؤالا أو أكثر في عالم الكتب والنشر، بل وفي الثقافة على وجه العموم .. التساؤلات كثيرة عن هذا الكتاب الذي يشكل ظاهرة بعد أن حقق مبيعات عالية رغم أن كاتبه لايدعي أبدا أنه كاتب محترف أو مثقف ثقيل الوزن!.

مؤلف الكتاب أحد نجوم ''ثقافة عصر الفرجة''، ويحظى بقبول واضح على الشاشة .. لكن السؤال :''هل القبول للممثل على الشاشة يعنى أن يحقق كتابه بالضرورة نجاحا منقطع النظير مثل كتاب 28 حرف؟!''.

وثمة كتابات عن ''ثقافة عصر الفرجة'' حيث تلعب الصورة على الشاشات الكبيرة والصغيرة دورا أساسيا فى تشكيل الإدراك ويتحدث بعض من تناول هذا الموضوع عن ارتباط الجودة والقيمة فى تلك الثقافة بالرؤية والمظهر، فيما يصبح النجوم هم الذين تقدمهم الشاشات وهم قادة الرأي ومحركو المشاعر وربما صانعو العقول وخرائط الوعى بما قد ينطوى عليه هذا الوعى من أوهام.

ففي ثقافة عصر الفرجة الصورة هي الأهم وهي مسألة قد تثير ضيق هؤلاء المنتمين لطراز المثقف الثقيل الوزن او العاكفين على قراءات وطروحات عميقة.

وإذا كان كتاب ''28 حرف'' قد شق طريقه لقوائم أعلى المبيعات في مصر، فإن أول قصة يكتبها راقص الباليه العالمي والكوبي الأصل كارلوس آكوستا احتلت مكانها بسرعة ضمن قوائم أعلى مبيعات الكتب في الغرب .

ويقول كارلوس آكوستا إنه كتب قصته: ''قدم الخنزير'' على مدى أربعة أعوام فى أوقات الفراغ من العمل، واكتشف أن تجربة الكتابة مفيدة حتى لعمله كراقص باليه على أهم مسارح العالم، وأشهرها ''فبات يؤدى باليه بحيرة البجع بصورة أفضل''.

وعلى شبكة الإنترنت تجد الكثير من المواقع التى تتحدث عن القصة الأولى لراقص الباليه العالمى كارلوس اكوستا، كما هو الحال بالنسبة للكتاب الأول للفنان المصرى أحمد حلمى وتعرض تحميله بأفضل جودة للقراءة، مع مناقشات لافتة، وأحيانا طريفة وساخرة لبعض المدونين الالكترونيين، وتنقسم بوضوح مابين متحمس للكتاب او محبط منه.

وإذا كان البعض قد طالب أحمد حلمي بأن يكون هذا كتابه الأخير، وأن يكتفى بالتمثيل فإن هذا الفنان الشاب لم يدع أنه كاتب متمرس، بل أنه يقر صراحة بصعوبة عملية الكتابة، كما أن هذا النوع من الانتقادات او الدعوات بالكف عن الكتابة قد تدحضه المبيعات العالية لكتاب ''28 حرف''، والذى تطرق بحس فكاهي لقضايا مثل تدهور التعليم والبطالة وأزمة الأخلاق.

وعلى المنوال ذاته - قال راقص الباليه العالمى كارلوس اكوستا بعد النجاح الكبير لقصته الأولى والتى ترجمت بسرعة من الإسبانية للانجليزية، وباتت ضمن ''قائمة ووتر ستونز'' لأفضل مبيعات الكتب منذ بدء العام الحالى :''إننى أكتب لأننى أريد أحيانا أن أعبر عن نفسى بالكلمة .. لكننى لست جابرييل ماركيز ولا بورخيس ..انا راقص باليه قبل اى شىء''.

وأثناء الدورة الأخيرة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب كان من اللافت فى قوائم مبيعات الكتب أن يحتل كتاب ''28 حرف'' المركز الرابع فى القائمة التى تصدرها دار الشروق يوميا بينما على سبيل المثال جاء كتاب محمد حسنين هيكل :''مبارك وزمانه'' فى المركز العشرين.

وكان أحمد حلمى قد أشار إلى أن قرار إصدار الكتاب كان فكرة لبعض أصدقائه المقربين، فيما اهدى كتابه الأول هذا أو اطلالته الأولى على عالم الأدب لوالده، ونوه بأن ''كل أرباحه من الكتاب ستذهب لتنمية المواهب''.

والكتاب الصغير الحجم الذي يضم 28 مقالا تنضح بالعامية محاولة للكشف ببساطة عن أوجاع الوطن قبل ثورة يناير وبعدها، فيما جاءت المحاولة عبر رسائل ذات مضمون اجتماعي وسياسي وإنساني بالدرجة الأولى وتعكس خفة ظل أحمد حلمي كممثل ولا تخلو من أفكار مسلية ومبتكرة إلى حد ما وبأسلوب سهل وبسيط.

وأظهر الزحام وتدافع الجمهور أثناء حفل توقيع كتاب ''28 حرف'' في العام الماضى أن الأمر مرتبط إلى حد كبير بشهرة المؤلف كممثل وبريقه الفني أكثر بكثير من مضمون الكتاب ذاته، وهو فى الواقع مجموعة مقالات كان قد نشرها في بعض الصحف.

والفضول للتعرف على أسرار المشاهير فى عالم الفن وكل مايتعلق بهم طبيعى فنحن فى عالم يهتم بكل كبيرة وصغيرة تتعلق بالنجوم، وأحيانا قد يصل الأمر لحد السخف مثل هذا الاهتمام المفرط من جانب وسائل إعلام بتعثر النجمة الشابة جينيفر لورانس على الدرج أثناء اعتلائها المنصة لتسلم جائزة أفضل ممثلة فى حفل توزيع جوائز أوسكار 2013.

ولكن آلم يشاهد هذا الحفل يوم الأحد الماضى في أمريكا وحدها على شاشة التلفزيون أكثر من 40 مليون شخص حسب بيانات مدققة ؟! .. واللافت أن هناك زيادة نسبتها 11 فى المائة فى عدد المشاهدين لحفل أوسكار هذا العام الذين تتراوح اعمارهم بين 18 و49 عاما .

وهم يمثلون الشريحة التى يفضلها المعلنون على شاشات التلفزيون ولعل هذه الشريحة العمرية تهم أيضا وبشدة ناشري الكتب سواء في أمريكا أو في مصر أو أي دولة أخرى، ولعلها الفئة التى أقبلت أكثر من غيرها على كتاب 28 حرف.

وفى سياق تأملات حفل أوسكار هذا العام يمكن بسهولة ملاحظة استمرار العلاقة الوثيقة بين الأدب والسينما، وأن الرواية مازالت تمثل المنجم الغنى لابداعات الشاشة، وعلى سبيل المثال فهاهو فيلم ''حياة باى'' المأخوذ عن رواية شهيرة ليان مارتل يفوز بأربع جوائز منها جائزة أفضل مخرج، ناهيك عن فيلم ''أرجو'' الذى تناول أزمة الرهائن الأمريكيين فى إيران بعد ثورتها على جائزة أوسكار لأفضل فيلم إلى جانب جائزتى أفضل مونتاج وأفضل عمل مأخوذ عن أصل أدبى.

وإذا كان العديد من الفنانين المصريين يؤكدون فى تصريحات او مقابلات على أن الفن بشكل عام لم يعبر بعد بما يكفى عن ثورة 25 يناير الشعبية، فإن من الخطورة بمكان التسليم المطلق بصحة مقولة إن الأحداث الكبرى تتطلب مرور وقت طويل قبل التعبير عنها أدبيا وفنيا.

ولعل خطورة الاتكاء الكامل على هذه المقولة تتجلى فى مقارنة بين حجم وتوقيتات الأعمال الأدبية والسينمائية الغربية التى تناولت الحرب العالمية الثانية، فيما لم يظهر حتى الآن اى عمل أدبى او سينمائى على مستوى حدث مثل حرب السادس من أكتوبر، ويعبر عنها إبداعيا رغم أن هذه الحرب ستحل هذا العام ذكراها الآربعين!.

ودون تعسف يمكن وضع كتاب '' 28 حرف '' ضمن محاولات تعبر عما جرى قبيل ثورة يناير وبعدها، او تطرح رؤية للمشهد المصرى وهمومه، سواء جاءت هذه الرؤية باحترافية الكاتب او برؤية فطرية، كما هو حال أحمد حلمى فى كتابه الذى هو فى نهاية المطاف يتخذ مدارات مصرية صميمة.

ولئن كان أحمد حلمى لم يدع احترافية الكتابة او يزعم بأنه صاحب رؤى ثقافية عميقة فإن الساحة الفنية المصرية عرفت دوما مثقفين وأصحاب رؤى عميقة مثل المخرج الراحل يوسف شاهين، والممثلة محسنة توفيق، والراحل العظيم محمود مرسى، والفنان حمدى أحمد، والممثل المبدع يحيى الفخرانى.

وكان الفنان يحيى الفخرانى قد قوبل بعاصفة من التصفيق تحية له ولمصر فى مستهل مهرجان ''الداخلة'' السينمائى بالجنوب المغربى عندما رفع درع التكريم قائلا:''كل ماحصلت عليه من تكريم وجوائز طوال حياتى الفنية اهديه لمصر التى لم تغادرنى اينما ذهبت'' فيما ردد الهتاف:''مصر ام الدنيا''.

وفى خضم الثورات الشعبية العربية كان الفن وقضاياه فى قلب المشهد وتداعياته مابين جدل حول حرية الابداع ومحاكم وأحكام قضائية، كما هو الحال مع الممثلة إلهام شاهين التى تعرضت لهجمات عاصفة تجاوزت المقبول والمستساغ، او ضحايا وقتلى كالممثل السورى ياسين بقوش الذى قضى مؤخرا بقذيفة سقطت على سيارته فى حى ''العسالى'' بدمشق، فيما يتعرض الفنان دريد لحام لانتقادات حادة تتهمه بمساندة نظام بشار الأسد.

أحمد حلمى: الأسئلة كثيرة تتجاوز ال28 سؤالا فى ثقافة عصر الفرجة لكن الرسالة وصلت والأفق فسيح والحرية جوهر الفنان .. كتابك يمكن أن يكون بداية لها مابعدها .. كتاب يمكن وصفه بأنه ينتمى للفن الفطرى حيث يكتب المرء او يرسم مايشعر به او يحسه دون قيود..ولم لا؟!!.

 

فيديو قد يعجبك: