جولييت بينوش تدهش وتخدع جمهور برلين السينمائي بـ "من تظن أنا"
برلين-أحمد الجزار
لم تحظَ النجمة الفرنسية جولييت بينوش فقط بلقب "سيدة الدببة" خلال الدورة المنعقدة حاليًا لمهرجان برلين السينمائي، في الفترة من 7 إلى 17 فبراير الجاري، لكونها رئيسة للجنة تحكيم المسابقة الدولية، ولكن نجحت "بينوش" في أن تقدم أحد أبرز التجارب الممتعة خلال الدورة الـ 69، وذلك من خلال فيلمها "من تظن أنا"، الذي جاء ضمن العروض الخاصة للمهرجان.
تقدم بينوش خلال الفيلم دور "كلير ميلاو" -50 عامًا- دكتورة جامعية يمثل عمرها مشكلة كبيرة بالنسبة لها، كما تعيش علاقة عاطفية مع شاب يصغرها بأكثر من 20 عامًا، وتصظر أن تخلق لنفسها صورة مزيفة لامرأة جميلة -24 عامًا-، تدعى "كلارا"، على مواقع التواصل الاجتماعي لتتجسس على هذا العشيق "ليدو"، ولكنها تجد نفسها "كلارا" تقع في حب صديقه "أليكس".
قصة تحمل الكثير من الإثارة والمتعة معًا، وفي كل مشهد تنجح جولييت بينوش في إدهاشك بما تقدمه وتسحبك معها داخل قصتها، لتتعرض لعملية الخداع التي تعتمد عليها قصة الفيلم.
بداية كلاسيكية
يبدأ الفيلم بشكل كلاسيكي لامرأة تقوم بجلسة مصارحة عن حياتها ومشكلاتها إلى طبيبتها النفسية، وتحكي "كلارا" عن عشيقها، وكيف تحول سنها إلى أزمة بعد أن أصبحت في عمر الخمسين، حيث قضت النصف الأول من حياتها في بناء نفسها، بينما النصف الاَخر مع زوج أناني تركها مع ولدين ورحل ليتزوج من فتاة أصغر منها سنًا.
رغم هذه البداية الدرامية التقليدية إلا أن مخرج الفيلم "صافي نيببو" استخدم أسلوب المزج بين البصري بين المشاهد والحكي، ليكشف عن حياة كلير من وجهة نظرها.
"جولييت بين شخصيتين"
تبدأ مرحلة خداع المشاهد عندما تكتشف أن ما حكته "كلير" للطبيبة النفسية، ما هو إلا قصة من وحي خيالها، خاصة عن علاقتها بـ “اليكس"، التي أكدت في البداية أنها خجلت في أن تكشف له عن شكلها بسبب خادعها له، بأعتبارها ليست الفتاة الموجودة في الصور على "الفيسبوك"، كما أنها ليست في المرحلة العمرية التي ذكرتها له، لتنتهي الحكاية عبر التواصل الاجتماعي، حتى يختفي "أليكس" تمامًا من التواصل معها، لتكتشف بعد ذلك من صديقهما المشترك وعاشقها السابق "ليدو"، بأنه قد رحل عن الحياة.
أفضل ما استعرضه الفيلم في تلك المرحلة، هي الحالة التي قدمتها جولييت بينوش لفتاة بعمر الـ 24 عامًا، حيث استطاعت أن تنقل هذه المرحلة العمرية إلى روحها وهذا ما انعكس على أدائها بصورة كبيرة لتجد نفسك بين شخصيتين إحداهما الدكتورة الجامعية الناقمة على حياتها، والفتاة الشابة المرحة التي تعيش حالة حب.
للحقيقة وجه اَخر
فجأة يجد المشاهد نفسه أنه قد تعرض لعملية خداع من "كلير" التي كشفت عما تريد أن تحكيه ولكن للحقيقة وجه اَخر، ولكن هذه المرة قامت بكتابة قصتها في مجموعة أوراق وأرسلتها إلى طبيبتها لتكشف لنا عن قصة أخرى، القصة الجديدة تؤكد إن"أليكس " لم يرحل، وأنها ارتبطت به عاطفيًا، وسط العديد من العلاقات الحميمة، ولكن بعد أن كشفت عن نفسها بطريقة أخرى باعتباها صديقة لصديقه "ليدو"، ولم تصرح له بأنها الفتاة التي كانت تغازله على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن تنقلب القصة رأساً على عقب عندما يكتشف "أليكس" بأن "كلير" هي نفسها "كلارا"، وعندما يذهب لمصارحتها وترى "كلير" حالة الغضب المرسومة على وجه أليكس فتحاول أن تهرب ولكنها تموت في حادث سيارة.
المفاجأة
ذكرت "كلير" أنها توفت بعد أن كشف "أليكس" قصة خداعها، ولكن سيناريو الفيلم، يأخدنا إلى منعطف اَخر، وطرف جديد من القصة، عندما نكتشف أن كل ما حكته عن علاقتها بـ "أليكس" كانت من وحي خيالها، وأنها لم ترتبط به قط، كما أنه لم يمت، لكنه قرر أن يبتعد عنها عندما كشف له "ليدو" عن شخصيتها فقرر أن يبتعد ويتزوج من فتاة أخرى، وهذا ما كشفت عنه الطبيبة النفسية بعد مقابلة لها مع "ليدو" العشيق الأول لـ "كلير".
سيناريو الفيلم الذي كتبه مخرج العمل صافي نيببو بالتعاون مع جولي باير والمأخوذ عن رواية لكاميل لورينز، هو البطل الحقيقي للعمل، وفي كل فصل من الحكاية كان يغير مجرى الأحداث، حتى أن المشاهد نفسه وقع في عملية الخداع التي صنعها السيناريو والتي تعتمد على وجهات النظر المختلفة طبقًا للواقع الافتراضي المزيف التي خلقت خلاله.
كما أثبتت جولييت بينوش أنها ممثلة لا تعترف بالعمر، وقادرة دائمًا على الإبهار حتى لو في دور فتاة في نصف عمرها، كما كان لديها جرأة كبيرة في تقديم مشاهد حميمية مع الممثل الشاب فرانسوا سيفيل الذي سبق وقدم دور ابنها فيلم "إيليس" عام 2012
وقد تحدثت بينوش في هذا الشأن خلال المؤتمر الصحفي للفيلم، مؤكدة أن فرانسوا كان يشعر بالخجل في تلك المشاهد، ولكن وجدت أن ذلك جميلاً ومناسبًا للأحداث.
بينما قال نيببو أن التجربة كانت مرهقة وصعبة، وتقديم جولييت بينوش في هذا الدور كان مغامرة خاصة عندما تقدم دور فتاة في عمر 24 عامًا وتعيش نفس حياتها، مؤكدًا أن العالم الافتراضي فرض علينا أن نعيد حياتنا وممارستنا بشكل مختلف.
"من تظن أنا".. عمل سينمائي مميز وذكي لنجمة كبيرة طالما اثبتت إنها لا تعرف المستحيل ولا يمنعها قطار العمر من تحقيق مغامراتها الفنية القادرة على إدهاش جمهورها دومًا.
فيديو قد يعجبك: