إعلان

" مانشستر على البحر".. أن تكون مُحتجزا في الماضي (ريفيو)

09:50 ص الأحد 26 فبراير 2017

لقطة من فيلم مانشستر على البحر

كتبت- هدى الشيمي:
أحيانا نعيش ذكرى أو حادث معين، ومع مرور الوقت يلتصق بنا، يسيطر على تفكيرنا، لنصبح عبيدا له، لا نستطيع تحريك ساكنا أمامه، وهذا ما حدث لـ "لي تشاندلر" بطل الفيلم الأمريكي المُرشح لعدة جوائز أوسكار "مانشستر على البحر"، أو "Manchester by the sea".
يبدأ الفيلم، الذي تبلغ مدته ساعتين وثلث، بالبحر الذي ربما يعد "التيمة" الرئيسية للفيلم، فبطلنا هنا يشبهه إلى درجة كبيرة، يبدو ساكنا صامتا أغلب الوقت، لا يظهر عليه أي مشاعر. لا يعبأ بما يُقال له أو عنه، ولكنه فجأة يغضب ويثور دون سابق إنذار.

1

يبدو من تصرفات "لي تشاندلر" والذي يجسد دوره الممثل الأمريكي "كيسي أفليك"، أنه تعرض لحادث أو لمعاناة، ولكن المشاهدين لا يعرفون ما هي، حتى انتهاء الثلث الأول من الفيلم تقريبا. ولكن المخرج كينيث لونرجان يجعل متابعي الأحداث يتوقعون أن ما مر به وما جعله يتحول من شخص ضاحك مبتسم، يسخر من كل شيء، هو شيء ليس بهين.

باستخدام العديد من "الفلاش باك" يتعرف المشاهدون على شخصية "لي"، إلا أن لونرجان استخدم هذه التقنية بأسلوب مختلف، وكأنه يُبرر للمتابعين كل فعل يقوم به البطل في الحاضر، باستحضار شيء من الماضي، يفسر لماذا لا يقوى على تحمل المسؤولية، و لما فقد الثقة في نفسه لدرجة تمنعه من التعلق بأشخاص جدد، أو تولي مسؤولية كبيرة، مثل الوصاية على ابن أخيه "باتريك"، الذي توفي نتيجة لضعف عضلة قلبه.

2

صاغ لونرجان كل ما يُمكن من عناصر لكي يخدم فيلمه. ففي الربع الأول من الفيلم وقبل أن يترك البطل "بوسطن" للذهاب إلى "مانشستر"، كانت التلول الثلجية هي العامل الأساسي في الصورة، وبعد الانتقال للمدينة الساحلية أصبحت المناظر الطبيعية الخلابة هي الخلفية الرئيسية، وكأنه يُخبرنا بماذا ضحى "لي" لكي يهرب من ذكرياته، ويتحرر من القيود التي كبلته.

في أكثر من مشهد تعمد لونرجان التصوير من الخلف، فوضع الكاميرا مكان الحياة بالنسبة للبطل "لي"، وكأنه يقول لنا إنه ألقى بالحياة خلف ظهره.

واستخدم لونرجان موسيقى جنائزية، وأخرى أوبرالية، ساعدت على الحفاظ على "التيمة" الرئيسية للفيلم، ولم يستخدم موسيقى إيقاعية سوى في مشهدين أو ثلاثة، للإشارة إلى تحسن علاقة "لي" وابن شقيقه باتريك.

مقطع موسيقي من الفيلم:



قرر لونرجان منذ كتابته للسيناريو، أن يصنع فيلما يدور حول المعاناة الإنسانية وما تتركه بداخل كل فرد، وقال في حوار مع موقع "إندي واير" الأمريكي أنه لا يجيد الأفلام التي يقوم فيها الأبطال بتحويل مشاكلهم إلى حياة ممتلئة بالدفء والطاقة. لأن ذلك من وجهة نظره غير منطقي.

وأكد المخرج والسيناريست الأمريكي، الذي ترشح لجائزتي أوسكار من قبل، أن اختياره لأفليك كان في محله، ولم يتخيل أن أي شخص غيره كان سيجسد الشخصية كما فعل الأخير، إذ استطاع التعبير عن آلام الشخصية دون الحديث أو البوح عن مشاعره صراحة. وساعد على التناغم بينهما علاقة الصداقة المتينة التي تجمعهما، وعملهما معا من قبل.

أما كيسي أفليك فيؤكد أنه شعر خلال قراءته للسيناريو، أنه أصبح جزءً منه، فأسرته كتابة الشخصيات وحواراتها، ولم يتردد لحظة في قبول الدور الذي يعد أول دور بطولة له. ويقول في حواره مع "ديدلاين" : "شعرت بأني مسحور بالحالة التي يقدمها الفيلم للمشاهدين، وبتلك الشخصيات التي لا تتحدث عما يدور لها حقا، بل تكتفي بالتغاضي عما يحدث، والمُضي قدما".
بدت الكيمياء واضحة بين كيسي أفليك، وميشيل ويليامز التي تجسد دور زوجته السابقة "راندي"، وأرجعا الثنائي ذلك إلى أنهما تناقشا كثيرا قبل التصوير، وحاولا أن يجعلا موقع التصوير مرحا.

3

لم تظهر ويليامز سوى أربع مرات فقط في الفيلم ككل، إلا أنها استطاعت ترك بصمة، تجعلها مرشحة بجدارة لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة.

فيلم "مانشستر على البحر" ينافس على ستة جوائز أوسكار، هي جائزة أفضل فيلم سينمائي، وجائزة أفضل ممثل في دور رئيسي، وجائزة أفضل ممثل في دور مساعد، وجائزة أفضل ممثلة مساعدة، وجائزة أفضل إخراج سينمائي، وأفضل سيناريو أصلي.

عُرض الفيلم لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن فعاليات مهرجان "دُبي" السينمائي الدولي، ويُعرض الآن في سينما زاوية أوديون بوسط البلد.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان