"سيلما".. كيف صنع السود المعجزة في أمريكا
كتبت - يسرا سلامة:
"حياتنا ليست كاملة لنعيش إذا لم نكن لدينا الإرادة لنموت من أجل من نحبهم ومن أجل معتقداتنا" ..عن هذا بالتحديد يدور فيلم "سيلما"، الذي يروي قصة حياة المناضل الأمريكي "مارتن لوثر كينج"، والذي كافح ضد اضطهاد السود أو النيجرا كما تترجم بالانجليزية من قبل الرجل الأبيض في ثلاثينات القرن الماضي، ورغم تعدد الأفلام التي تناولت سيرة المناضل الأمريكي إلا أن "سيلما" يكاد يكون الأكثر ربحا بينهم.
بطريقة غير تقليدية يعبر "سيلما" عن أزمة السود في الولايات المتحدة الامريكية، متخذا من "كينج" بطلا لكنه ليس بطلا وحيدا، حيث يركز الفيلم على نضال "كينج" في مدينة سيلما الأمريكية، ويعطي الفيلم فرصة أكبر للقصص الصغيرة التي يتجاهلها التاريخ للحديث عن كفاح السود هناك، الذ كان من أجل انتزاع حقهم القانوني في التصويت، ومن ثم الانضمام للقضاء، والتدرج في جملة الحقوق السياسية لهم.
قصة سيدة تمسك بورقة التقدم من أجل التصويت في الإنتخابات، تجسدها الإعلامية الأمريكية الشهرة أوبرا وينفري، لتواجه بسيل من الإضطهاد، بجانب قصة أم وأب يفقدان إبنهم في نزاع مع الشرطة، نتيجة اضطهاد رجال الشرطة البيض له، وقصة أخوان أسودان يختلفان في النزاع، ويبقى أحدهم في طريق الكفاح متنازلا عن حمل أسم الأسرة.
بتلك القصص القصيرة ينجح "سيلما" في الخروج بالعمل من إطار التقليدية لتناول قصص السير الذاتية، تخرجه من ملل المشاهدة، وتدفع به للترشح لفئتين في جوائز الأوسكار 2015 وهم جائزة أفضل عمل، وجائزة أفضل موسيقى أصلية كتبت للعمل.
ثمة روابط تلتقي بين "سيلما" وكل شعب يريد نيل حقوقه السياسية، ذلك الإصرار الذي يبدو على الشخصيات بالعمل من أجل حقهم في الحياة، ورفض وضع لافتات ترفض دخولهم لبعض المطاعم، والدراسة في المدارس، حين تتعرض الشخصيات للعنف في المسيرات السلمية، كيف يأخذ أبناء البشرة الداكنة من بعضهم القوة، بمكالمة هاتف، يربضون على أيدي بعضهم البعض، يعرفون أن الموت هو بداية الطريق لنشر حقوقهم في المساواة.
كثير من خطوات النضال يضع لها العمل كثير من الأسئلة والإجابات، كيف يدس أحد معاوني الرئيس الأمريكي مكيدة من أجل التفريق بين "كينج" وزوجته، وكيف يكشف العمل عن رفض الزنوج من السود لإستخدام العنف أو السلاح في مواجهة الشرطة الامريكية، تأكيدا على أن سلمية انتزاع الحقوق تكاد تساوي الحصول على الحق ذاته.
مخرجة العمل "إيفا دوفيرناي" نجحت ببراعة مع باقي أطقم العمل في تصوير مشاهد المظاهرات، لتحاكيها ببطريقة أيضا غير تقليدية، الحركة البطيئة نوعا، التركيز على التفاصيل وحركة السقوط، إدخال موسيقى مع المظاهرة، تشعر معه إن اللقطة تم إبطائها من أجل أن يعرف المتلقي ثمن الحصول على التصويت، أو كما ورد على لسان أحد الشخصيات "نحن نملك التضحية في دمائنا، من أشخاص صنعوا الحضارة، ونحن نصنعها بمواصلة التحدي".
ليس فحسب استخدام الموسيقى، لكن أيضا طريقة سرد وقائع تاريخية على شريط سينمائي، باستخدام تواريخ ووقائع متراتبة، ذلك الإصرار والإيمان بالحق لدي الشخصيات جعل عدد من الامريكان البيض يتعاطف معهم، رغم وصفهم بالزنوج البيضاء، الأداء البارز للبطل ديفيد أويلو في أداء شخصية "لوثر كينج"، خاصة في الخطابات بالفيلم، والتقاطع الفريد بين المشاهد، يجعل من "سيلما" واحدا من أهم الاعمال السينمائية ليس فقط عن قضية السودن لكن عن كيف تصنع الأقليات المعجزة بالإصرار والإيمان.
لمشاهدة الفيديو..اضغط هنا
لمزيد من المعلومات عن العمل:اضغط هنا
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: